الأربعاء , 25 ديسمبر 2024
الرئيسية » تحقيقات و ملفات » بعد منع الاستيراد..كيف نطور صناعة الفوانيس والحرف التراثية ؟

بعد منع الاستيراد..كيف نطور صناعة الفوانيس والحرف التراثية ؟

1

كتب/ إبراهيم المواردى

ما المطلوب لتشجيع وتطويرالصناعة الوطنية من المنتجات “الفلكلورية”؟..تساؤل تردد بقوة مع صدور قرار رسمى من وزارة التجارة والصناعة بمنع استيراد السلع ذات الطابع الشعبى والفلكلورى والنماذج الاثرية المصرية بعد معاناة لسنوات من غزو البضائع المقلدة المستوردة  خاصة الصينية والتايوانية .

ومع اقتراب شهر رمضان ،أثيرت علامات استفهام حول تداعيات القرار الذى منع استيراد الموازييك والمعادن والفوانيس على الأسواق وأسعارالفوانيس و”موديلاتها “ومدى استعداد الورش الحرفية  لعودة “فوانيس زمان” ومنافسة المخزون المتبقى من نظيرتها الصينية ؟.
وفى محاولة للاجابة التقى موقع أخبار مصر مع عدد من الخبراءوالتجار والحرفيين لبحث كيفية تفعيل القرارلدعم التراث الوطنى .

فوانيس الصين بأيدى مصرية

د.مصطفى جاد أستاذ مناهج الفلكلور بأكاديمية الفنون أكد للموقع أن القرارسيشجع الصناعة المصرية ويدعم الاحتياطى من العملة الصعبة بالبنوك ويوفر فرص عمل للخريجبن المتخصصين والعمالة المعطلة والمهاجرة .
وذكر د.جاد أنه عندما سافر الصين وجد أن الأيدى المصرية هى التى تقوم بتصنيع هذه اللعب والفوانيس الصينى والخيامية والقطع الفرعونية النحاسية المنقوشة وهم من يبدعون فى الافكار ويواكبون الاحداث والعصر.. فلماذا لا يأتون للعمل فى بلدهم ؟.

وطالب بتوفير المواد الخام اللازمة لهذه الحرف مع دعمها سواء كانت محلية أو  مستوردة وتجهيز الورش الفنية وتدريب الحرفيين المهرة مع فتح أسواف محلية وخارجية وإقامة معارض وحملات تسويق دولية .

ودعا الى إحياء التراث الشعبى واستثماره لحمايته من الاندثار وتعريف الاجيال الجديدة بقيمته وتوعية المستهلك بالفارق ببن الاصلى والمضروب لأن التراث جزء من الهوية المصرية .

images

تفعيل الرقابة  ومنع التهريب

وقال د.عبد الله هدية عميد تجارة بورسعيد سابقا إن تنفيذ القرار بنجاح يحتاج خطة محكمة يتم تطبيقها  تدريجبا بشكل تدريجى بحيثتعتمد على تقييد استيراد السلع الكمالية والاستفزازية وتفعيل الرقابة على الاسواق لمنع التهريب حتى لا تتسرب السلع الصينية الى السوق السوداء .

وأضاف أنه يجب إحياء الصناعات التراثية وتشغيل الايدى العاملة وتوفير المواد الخام وتخفيض الضرائب على المنتجات الأصلية كى تلبى الطلب الكبير فى المواسم وعدم المغالاة فى الاسعار حتى لا يعود الناس للبحث عن النظير الصينى الرخيص .

وأشارهدية الى ان أمريكا وهى من أكبر الدول الرأسمالية تقيد كم الاستيراد من الصين بحيث لايزيد عن حصص معينة خاصة السلع المرنة التى لها بديل محلى .

ولفت الى ان إيقاف استيراد الفوانيس والسلع الاثرية سيوفر حوالى نصف مليار جنيه من العملة الصعبة فى وقت نحتاج فبه الى سد العجز بالميزان التجارى وتسديد الديون منوها عن انه سبق منع استيراد قمر الدين .

وأكد أن تفعيل هذا القرار يتطلب ارادة سياسية لتنفيذه وتشجيع الصناعة الوطنية والحفاظ على الهوية المصرية .

وأضاف أن قرار منع استيراد المنتجات التى لها طابع فنى تراثى أو أثرى سيحمى الاقتصاد المصرى من سرقة المنتجات المصرية، وبيعها  فى أسواق العالم باعتبارها منتجات مصرية، مما يؤدى إلى ضياع الكثير من الحقوق الفكرية والمالية لأصحاب هذه المنتجات.

الخيامية

عودة الحرف التراثية

وعن تداعيات القرار على الأسواق، قام الموقع بجولة فى شوارع باب الخلق وخان الخليلى والسيدة زينب الشهيرة بورش الفوانيس والنحاسيات حيث التقى عددا من “الصنايعية” والتجار، منهم  الحاج محمود سباعى بأحد شوادر باب الخلق الذى ابتهج بالقرار قائلا  “سعدنا بالقرار لأننا نعمل طوال العام ونخزن البضاعة ولكن البيع يقتصر على المواسم وللفنادق والعرب المولعين بالتراث أكثر من الجمهورلمنافسة الصينى،والحرفة بسيطة لاتتطلب سوى تركيب الصاج ودقه ولحامه فى النار ومازلنا بنعلمها لأولادنا وفى يوم ممكن ننتج 10 فوانيس حسب الطلب” .

واكد أنه منذ سماعه القرار يحاول تطوير شكل الفانوس وتصنيع اللعب الجديد ليواكب العصر ويكون بديلا للصينى أما مسألة استخدام تقنيات الصوت والحركة ، فقال “إنها مسألة وقت وممكن ابنى يعلمنى مش عيب “.

وأوضح أن استخدام الفانوس بدأ في العصر الفاطمي حيث كان يُصنع من النحاس وبداخله شمعة بعد ذلك تطورت صناعته ليُصنع من الصفيح والزجاج الملون ثم ظهرت التكنولوجيا الصوتية والضوئية حيث أصبحت مصر تستورد الفوانيس من الصين التي ادخلت روجت  شخصيات لعبة تغنى “وحوى ياوحوى ” مثل :كرومبو و نانسي عجرم وعلاء الدين وهريدي وفوانيس ما بعد الثورة التي علي شكل مرشحي الرئاسة وايضا علي شكل دبابة.

أما عن الاسعار، فالفانوس الصاج الكبير يتراوح من 150 الى 400 حسب الحجم والنوع والشكل أما الصغير فمن  5 جنيهات حتى 25 جنيها وهو ارخص من الصينى اللعبة  المزود بالبطاريات وهناك فوانيس ضخمة بالطلب  يصل ثمنها الي 4 آلاف جنيه .

فرعون

توفير المواد الخام والتكنولوجيا

وأكد أحد التجارفى بازاربشارع فى خان الخليلى أن القرار صدر أخيرا بعد معاناة وأنهم متفاءلون بعودة الكثيرين للعمل وتجويد المنتجات الأصلية من القطع النحاسية المنقوشة والتى يتم تقليدها وطرحها بالمحال للسياح إلا أنه طلب مهلة  تخوفا من عدم ملاحقة ما تبقى من الصناع المصريين على توفير كل المطلوب من  من منتجات مع توفيرالمواد الخام ليعود المنتج الأصلى للمنافسة بقوة ولايضطر التاجر لرفع سعره.

بينما عبر الاسطى محسن عبد الباسط صنايعى نحاس عن تخوفه من عدم الاستعداد والتراخى  لأنه على حد تعبيره يكاد أن ينسى المهنة بعد أن عمل  لسنوات طويلة وكان يورد لتجار البازارات منتجات مختلفة بها ابداعه ، ومنها الميداليات والتماثيل الفرعونية و بالأطباق الكبيرة المزينة بالنقوش إلا أنه توقف عن ممارسة مهنته الأصلية بعد غزو الصينى المسخ الرخيص.

فى حين طلب منير محاسبفى محل “أنتيكات ” بباب اللوق ألا يسرى القرار بأثر رجعى  ولكن يطبق بعد دخول الشحنات المتعاقد عليها حتى لا يتعرض المستوردون للخسائر فى البضائع المستوردة ولايضطر التجار الى البحث عن طرق ملتوية لتسويق البضاعة  المخزنة باسعار أعلى .

توثيق.. “الفلكلوريات”

وطالب الفنان التشكيلى طلبة عبد الغنى أمين صندوق جمعية أصالة لرعاية الفنون التراثية والمعاصرة كل الجمعيات الأهلية التى تعمل باسم الحرف التراثية بأن تتعاون  مع جمعية أصالة  وتتبنى فكرة “توأمة الاكاديمى والحرفى”.

وأشار الى تنظيم الجمعية ورش مع صنوق التنمية الثقافية وإصدار سلسلة من  7 أجزاء لتوثيق الحرف التقليدية من أسوان لاسكندرية وتشمل حوالى 14 حرفة بالاعتماد على باحثى التراث كأول موسوعة العربية للحرف التراثية .

ولفت الى أن فرن الخزف بالجمعية غير مفعل لأن الحرارة تضر الاثار بوكالة الغورى بالازهر ولكن بها معرض بيع.

وتجدرالاشارة الى أن المعني الأصلي للفانوس هو “النمام ” حسب الفيروز أيادي مؤلف القاموس المحيط ويرجع تسميته الى انه يظهر حامله وسط الظلام.

وأوضح عبد الحكيم سيد مديرمركز الحرف التقليدية  بصندوق التنمية الثقافية أن أرباب الحرف الباحثين عن مساعدة لتجديد نشاطهم عليهم إما الذهاب  الى جمعية أصالة للدعم  الاجتماعى والتسويق أولمركز الحرف للدعم الفني أو لصندوق التنمية الثقافية للدعم المادى  حسب نوع المساعدة .
ونوه عن أن هناك فنانين يستخدمون أدوات بسيطة مثل سلك نحاس وأناس لديهم أطفال ذوو احتياجات خاصة  يبحثون عن فرن يحرق الخزف ويأتون لمركز الحرف التقليدية  بالفسطاط لأنه به فرن .

وتوقع مدير المركز أنه بعد عامين سيكون هناك عائد للحرف التقليدية بمصر لأنه لا توجد تنمية اقتصادية حقيقية في العالم دون الاهتمام بالبعد الثقافي والتراث الوطني.

وأكد رئيس شعبة المستوردين حمد شيحة، أن قرار وزير الصناعة بوقف استيراد السلع والمنتجات ذات الطابع الفني الشعبي والنماذج الاثرية لن يؤثر على حجم الاستيراد وأنه يهدف للحفاظ علي التراث والفن الشعبي وحماية حقوق الملكية الفكرية من التعديات والتزييف .

وأضاف شيحة، فى تصريحات صحفية أن حجم استيراد المنتجات ذات الطابع الشعبي لايتجاوز 10 ملايين جنيه سنويا، مطالبا بضرورة وضع وصف تفصيلي للمنتجات ذات الطابع الشعبي.

ودعا الى دعم الحرفيين  العاملين فى تلك المنتجات وتقديم وسائل الدعم الفني والتأهيل المهني الذى يساعدهم على تطوير تلك الصناعات.

تعديل  قانون الملكية الفكرية

ومن جانبه ،أعلن منير فخرى عبد النور وزير الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة أنه يجرى حالياً إعداد مشروع قانون لتعديل بعض بنود قانون الملكية الفكرية الحالي وذلك لوضع آليات وبنود اكثر فعالية لحماية السلع والمنتجات ذات الطابع الفني الشعبي والحرف التراثية والتقليدية والتاريخية والاثار المصرية من التعديات والتقليد .

وأضاف عبد النور انه سيتم اجرء حصر شامل لكل السلع والمنتجات التراثية التي تتميز بها مصر وإرسالها الي المنافذ الجمركية خلال الفترة المقبلة لتحديد السلع التي سيتم منع دخولها الي السوق المحلي مشيراً  الي ان القرار الذي تم اصداره جاء متوافقاً مع القوانين ولوائح منظمة التجارة العالمية والتي نصت في المادة 20 من اتفاقية الجات 1994 علي حق اي دولة في اتخاذ الاجراءات والتدابير التي من شأنها الحفاظ علي ثرواتها الوطنية والفنية والتاريخية والمتعلقة بالاثار .

*لاشك أن القرارجاء بعد طول انتظار لانصاف الصناعة  المصرية ولكن تفعيله يتطلب نهضة كبرى بورش الحرف التقليدية لاثبات أن “المصرى الأصلى يكسب” ليس شعارا .

شاهد أيضاً

تحذير هام جدا

الجريدة غير مسئولة عن أي تعامل مالى أو تحريرى يتم من من خلال صاحب الصورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *