استمعت محكمة النقض برئاسة المستشار أنور جابري نائب رئيس المحكمة إلى مرافعات الدفاع ردا على الطعن المقدم من النيابة العامة على الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في نوفمبر من العام الماضي، فيما تضمنه من تبرئة الرئيس الأسبق مبارك ونجليه علاء وجمال، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعديه الستة، من الاتهامات المنسوبة إليهم والمتعلقة بوقائع قتل متظاهري ثورة 25 يناير 2011، والعدوان على المال العام والإضرار العمد به في القضية المعروفة إعلاميا بـ “محاكمة القرن”.
واستهلت المحكمة جلستها بعرض المقطع المصور للجلسة الأولى التي كانت محددة للنطق بالحكم في القضية، والتي عقدت في 27 سبتمبر الماضي وانتهت المحكمة فيها إلي مد أجل النطق بالحكم، ثم جلسة النطق بالأحكام التي أعلن فيها براءة المتهمين جميعا في 29 نوفمبر الماضي.
وعقب انتهاء المحكمة من مشاهدة المقطعين المصورين، قال المستشار أنور جابري رئيس المحكمة “إن الأصل في نظر طعون النيابة العامة هو عدم حضور المطعون ضدهم، غير أن محكمة النقض بوصفها المحكمة العليا التي ترسي المبادئ القانونية والقضائية ستخرج عن التقليد العام وستسمح لدفاع المطعون ضدهم بإبداء ما يعن لهم حرصا على كفالة حق الدفاع”.
وأضاف المستشار جابري أنه سيسمح لدفاع المطعون ضدهم بإبداء دفاعهم ودفوعهم بشكل مختصر وإنه إذا ارتأت المحكمة التأجيل لجلسة أخرى للاستماع باستضافة المزيد من الدفوع وأوجه الدفاع.. فإنها لن تتوانى عن اتخاذ مثل هذه الخطوة وحتى يتسنى للدفاع كتابة المذكرات وتقديمها إلى المحكمة.
وطالب فريد الديب المحامي عن الرئيس الأسبق مبارك في ختام مرافعته أمام المحكمة برفض الطعن المقدم من النيابة العامة على براءة المتهمين.
وقدم الديب أربعة دفوع إجرائية طالب فيها بعدم قبول الطعن المقدم من النيابة العامة من حيث الشكل تتمثل في أن مذكرة الطعن التي أودعتها النيابة طعنا على الحكم قد أودعت محكمة جنوب القاهرة، في حين أن المحكمة التي أصدرت الحكم كانت محكمة جنايات شمال القاهرة، مشيراً إلى أن تقرير الطعن المقدم من النيابة خلا من بيان بأسماء المتهمين المطعون ضدهم، وهو الأمر الذي يمثل مخالفة إجرائية باعتبار أن المتهمين متعددون ومراكزهم القانونية مختلفة.
وقال “إن مذكرة الطعن المقدم من النيابة العامة, ذيلت بتوقيع المستشار محمد إبراهيم المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام وأرفق بالمذكرة قرار ندبه من النائب العام المستشار هشام بركات لـ “إعداد مذكرة الطعن”، معتبراً أن هذا الأمر يخالف أحكام القانون باعتبار أن قرار الندب لإعداد تقرير الطعن وليس للتوقيع عليه وتقديمه لمحكمة النقض”.
وأضاف أن تقرير الطعن المقدم من النيابة بحق المتهمين قد خلا من “اسم المحكمة” التي أصدرت الحكم؛ حيث اكتفى التقرير بذكر “محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم” دونما تحديد اسم “محكمة جنايات القاهرة”، وهو الأمر الذي ينطبق على كافة محاكم الجنايات بجميع المحافظات.
وتطرق فريد الديب إلى الدفوع الموضوعية على الطعن المقدم من النيابة العامة، مؤكداً عدم صحة ما ورد بتقرير الطعن من أن المحكمة قد أفشت سر المداولة قبل النطق بالحكم بإعطائها لإسطوانات مدمجة إلى أمين سر المحكمة وممثلي النيابة ومندوبي وسائل الإعلام، تحتوي على منطوق الحكم وأسبابه، مشيراً إلى أن الجميع قد رأى من المقطع المصور لجلسة النطق بالأحكام أن أحدا لم يتحرك أو يطلع على أسباب الحكم قبل النطق به من رئيس المحكمة المستشار محمود كامل الرشيدي.
كما أشار إلى عدم صحة ما جاء بتقرير الطعن المقدم من النيابة العامة فيما أورده من لجوء المحكمة إلى “فنيين” لكتابة أسباب الحكم على الكمبيوتر وما استدلت عليه النيابة في هذا الشأن من أن (ملخص الحكم) قد احتوى على أشكال هندسية توضيحية، موضحاً أن أسباب الحكم لم تحتوي سوى على الكلام المكتوب وأن بعض “الأشكال التوضيحية” الواردة في أسباب الحكم هي أمر بسيط معروفة لكافة مستخدمي أجهزة الكمبيوتر؛ خاصة وأن معهد تدريب القضاة يعطي للقضاة والمستشارين دورات مكثفة في استخدام واستعمال الكمبيوتر وفنونه، ومن ثم فإن النيابة قد جانبها الصواب في إبداء مثل هذا الدفع.
وتابع فريد الديب “إن محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم قد ألمت بكل صغيرة وكبيرة في القضية، وأصدرت حكمها بعد أن استعرضت كل أوراق القضية ووقائعها، لافتاً إلى أن ما تضمنه الحكم من عدم جواز نظر الدعوى الجنائية عن الاتهام بقتل المتظاهرين بحق الرئيس الأسبق حسني مبارك، مرجعه أن النيابة العامة كانت قد سبق وأن حققت وتصرفت في الوقائع المتعلقة بذلك الاتهام بإحالة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و4 من كبار مساعديه إلى المحاكمة الجنائية، وذلك بعد أن انتهت تماماً من الاستماع إلى كافة الشهود والمبلغين وإصدار قرار الاتهام فيها بتحديد المسئوليات الجنائية، وهو ما يشكل قرارا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل مبارك”.
وأكد صحة ما انتهى إليه حكم المحكمة من انقضاء الدعوى الجنائية بحق مبارك في شأن الاتهام الخاص باستغلال النفوذ وتقاضي رشاوى مالية تتمثل في فيلات بمنتجع شرم الشيخ له ولنجليه علاء وجمال من رجل الأعمال المتهم حسين سالم، موضحاً أن مدة التقادم تبدأ من تاريخ بدء وقوع الجريمة, والتي وقعت في عامي 1997 و1998 شريطة عدم تدخل المتهم بأي فعل يقطع هذا التقادم، وقدم الديب مجموعة من أحكام محكمة النقض التي تؤكد صحة كلامه في شأن انقضاء الدعوى الجنائية.