بقلم: محمد عبدالفتاح
كان وجهه الأبيض يَشرَئِبُ بِحُمره ..تبدو عليه مخايل النعمة واليسار . . كان رُبعَـة ضَحوكا . ويبدأ محاضرته بعد صلاة الظهر ..
وكان يُصر أن يَتوضأ أمامنا .. فتعلمت أن أغسل ذراعى حتى خلف الكُوع .
وأن أتأكد من غسل عَرقوب الرجلين .
ودوما يذكر .. ويلٌ للأعقاب من النار ..
عن أستاذى دكتور محمد بلتاجى .. أستاذ الشريعة بدار العلوم .. وإذا قلنا درعمى .. فلابد أن ننحنى له احتراماً..
كان يدرسنا الدراسات الإسلامية فى كلية التربية ..
ذات مرة قبل أن يبدأ المحاضرة .. وقف ينظر من نافذة المدرج العريضة .. تطل على مزارع سخا .. أيام عزها .. وقف هـُنيـهة .. ونادانا . .
وكانت دفعتنا سبعين … فنظرنا .. فإذ بالبقر يرعى فى أرض البرسيم على محازاة واحدة .
والبرسيم كأنما قص بمقص ..
كانت الأبقار مربوطة من الأقدام .. وليست من الرأس .. فضحك وقال .. تراهم لماذا يربطونها من الأرجل .. وليس من الرأس..
فأجبنا .. حتى لا تفسد البرسيم ..
فقال سؤال سهل ..
فقال .. ما اسم ذلك الحبل المشدود فى أرجلهم..
فأسرعت .. وأنا خبير في ذلك .. (الـرِّتْـعَـة ) دكتور
فضحك طويلا .. وربت على كتفى ..
وقال تحصل على أعمال السنة كاملة .. وتعمل البحث فى الـرتـع ..
بعدها علمت أنه من بنى جلدتى .. فلاح من محلة القصب..
كم كان رائعاً وكريما ..
كان يأتي فى اليوم التالى .. حاملا السبعين كتابا .. ويلقها لمن يجلس أول المدرج ..
ويأمره أن يوزع الكتاب علينا بلا مقابل ..
وكان غزير العلم .. قوى البنية والشخصية ..
ولما سألناه .. لماذا لا تخرج فى برامج التليفزيون .. مثل باقى العلماء ..
قال .. شيوخ السلطان لهم مكاتب خاصة ..
بمعنى أن لها درجين واحد للحرام وآخر للحلال .. حسب هوى السلطان ..
أما أنا .. فلا يجوز لى ذلك ..
كان كبيراً بحق .. وعالما بحق
كريما بكل ما تتوقعه من كرم .
ذلك : لأنــه فــــلاح.