بقلم: د. مروه نعيم
أصغيت بإعجاب بالغ لكبرى بناتها و هى تروى قصتها مستهلة حديثها بإبتسامة خجولة:
– “أنا عمرى ما شفت حد بيحب جوزو كده!”
و إستطردت تقص ملحمة والديها و مظاهر المشاعر الطيبة بينهما .. حتى مرض الأب، و عجز عن الحركة، و كان له مِن الأبناء الذكور ثلاثة يافعين و من الإناث فتاتين .. جميعهم فى (عِز الشباب) .. حاول الأبناء القيام بواجبهم فى بر الأب و مساعدة الأم التى تجاوزت العمر الفتى .. فأبت قائلة لهم:
– “طول ما أنا عايشة، محدش يخدمه غيرى.”
و أخذت الوفية تتولى جميع شؤؤنه، و تحمله على ظهرها كلما وجب ذهابه إلى الغائط .. فما كان إختراع الكراسى المتحركة متداولا آنذاك .. لم تسمح لأحد أن يحمل أعبائه سواها .. إستمر ذلك عدد لا بأس به من السنوات حتى فارق الحياة تاركاً لها عمود فقرى مقوس مِن ثقل ما حمل من النقاء و الوفاء.
و لأن المعروف لا يذهب سُدى، فقد قامت إبنتها الكبرى بالدور ذاته معها لما يقرب من عقدين مِن الزمان حتى فارقت الحياة هى الأخرى؛ معززة، مُكرمَة، مستورة.