كتبه: محمد سيف
مأساة الفكر الحبشى عبر العصور
نعلم جميعا قصة الحبشى ابرهة فى منتصف القرن الخامس الميلادى الذى يحكم اليمن آنذاك عندما دب فى نفسه الحقد لما من مكة المكرمة من مكانة دينية فى نفوس الحجاج الذين يقصدونها للطواف بها وما تحققه من أغراض تجارية تجعل قريش فى ازدهار ورخاء ونعيم. فقرر الحبشى أن يبنى كعبة من الذهب الخالص ليحج اليها الناس بدل الكعبة المشرفة، وقد فعل ولم يقدم إليها أحد، وتوجه بعتاد جيشه وأفياله. وتتوالى المعجزات ليتوقف الفيل أمام الكعبة المشرفة ليلبى:
“لبيك الله ما لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك”.
فلقد أعز الله الفيل وكتب له زيارة بيته الحرام وخلده القرآن الكريم. ومن الدروس المستفادة من تلك القصة إيمان وثقة عبدالمطلب جد الرسول الكريم أن للبيت رب يحميه، وقد حماه، وليس فقد بل أرسل الله عز وجل عقابه وجعلهم آية تتلى ليوم الدين:
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿1﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿2﴾ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿3﴾ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴿4﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴿5﴾
وما زال إبرهة حتى يومنا هذا ورغم ما أصابه يصر على العناد والانتقام لكنه اليوم من أثيوبيا ليتحدى الخالق عز وجل في شئونه. حيث يحلم الحبشى بالتحكم في مياه النيل التى خلقه الله من أجل مصر لا غيرها من البلدان.
مصر الذى ذكرت في القرآن أكثر مما ذكر دونها، مصر التى عاش فيها ومر بها وتزوج منها من الأنبياء ما لم يكتب لسواها. مصر التى دافعت عن الجوار وصدت زحف الغزاة عبر العصور ما لم تتمكن غيرها. مصر التى حملت لواء التخلص من الاستعمار الغربى والعثمانى. مصر صاحبة أقدم حضارة في التاريخ.
لو لم يرد الله لمصر النيل، لتبخرة مياة الأمطار عبر ألأف الكيلومترات عبر لمنطقة الاستوائية الأكثر حرارة وحفاف دون الوصول لأرض المحروسة.
والرسالة للحبشى:
– ينزل الله من السماء ما يكفيكم من الأمطار، وجريان شريان النيل جعله الله من أجل مصر.
– ومع ذلك لو أردتم النيل كامل، فليكن لكم كامل احتفظوا بغضبه لديكم دون أن تتركوا ماءكم يمر بأرضينا، ولتنعموا بغرق أراضيكم. أما نحن فسنشرب من مياه البحر، فلدينا بدل البحر بحور الأحمر والأبيض والأزق الذي سوف يصب قطرانه على رؤسكم.
– ولدينا من العلوم ما تحول مياه البحر إلى ماء عذب فرات.
أما أنتم يا حبشى لو لم تستطيعوا أن تحجبوا عنا مياه النيل كاملة، فلتخرص السنتكم وتتب أيدكم عن مصر، ويكفيكم فخراً في الدنيا والأخرة أن هناك شئ يربطكم بمصر. فلقد نلت شرف لا تستحقونه، فلتحافظوا عليه. وإلا فطير أبابيل في انتظركم.