السبت , 19 أبريل 2025
الرئيسية » أقلام وأراء » الكرم مايخربش بيوت

الكرم مايخربش بيوت

بقلم: محمد عبدالفتاح

. صباح الخير
وكان أبى ينزل الجرن أمام الدار ، كل يوم بعد العصر ، يفترش حصيراً واسعاً ، ويطلب براد شاى كبير ، مذاب به سكر بدرجة واحدة ، فلم تولد بعد السكر الدرجات ، يتكىء على زرابى مبثوثه ، تحت ظلال شجر الكافور ، وما يلبث أن تلتف حوله ثلة من رجالات بأعمار متقاربة ، يتندرون بفكاهات ، ويتجاذبون أحاديث من هنا وهناك .

وكلما مر أحد على الطريق ، ناداه أبى باسمه مجرداً ، أو يا واد يا فلان ، Come her ، ويربط دابته فى شجرة ، أو يركن عربته ودابته على حيد الطريق ، حتى تمتلىء الحصير ، وتتناثر أكواب الشاى على جنبات الحصير ، وينقسم الجمع إلى زرافات كل مجموعة فى واد غير واد الأخرى ، إلى أن تميل شمس المغرب ، ويحمر قرصها ، وتوشك أن تسقط فى لجة ليلها المظلم ، يوشك الجمع أن ينفض .

فنرفع ما لزم من آداب الضيافة ، ويعود أبى بعد صلاة المغرب ، يجلس أمام القناة الأولى ، لأن الثانية أجنبية ، فلم يكن ذلك الثراء ، وهذا الفحش الذى أتحفنا به صفوت الشريف ، وطيلة جلوسنا أمام التلفاز ، كأننا فى محراب ، فلم يكن فى قاموس ديمقراطية العصور الأولى أن يتكلم الأب أو يمازح أولاده ، بل الكلام الضرورى ، الذى يشبه البلاغات الحربية .

لماذ سردت ذلك ؟
بالأمس زارنى صديق مرشح لمجلس النواب وهو رجل محترم ، حادثت كثيراً من أصحابى ما بين مغلق هاتفه ، أو متحجج بزرائع واهيه ، أو معتذر ، كأن الناس لا ترحب بزائر ، ولا تقول لضيف أهلا وسهلا ، والأعجب من ذلك ، يأتى بعض الناس يقولون ، طرقنا بيت فلان فلم يرد ، رغم أن السيارة رابضه أمام المنزل ، ولم تكن قيلولة ، لعن الله الكاميرات ومن اخترعها ، لعلها وراء هذا الاختباء .

رحم الله جيل العظماء ، لم يختبئوا من ضيف ، وكانت كلمتهم عقدا ، وكانت طلتهم فرحه .
وقالوا :
الكرم ما بيخربش بيووووت .

شاهد أيضاً

شكر واجب… الشكر والتقدير لكل من ساهم فى بناء مسجد بمدرسة الشهيد محمد قاسم

يتقدم مجلس أمناء وإدارة مدرسة الشهيد محمد قاسم بابوطبل بخالص الشكر والتقدير لكل من ساهم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *