. جــمـال الـخـريـف
بقلم / محمد عبد الفتاح
وللخريف أجواء لطيفة ، كلما هب نسيم عليل ، فتوارت شمس المصيف على خجل ، خلف ستائر سحابات بيض ، تنذر بشتاء قادم ، وكلما رأيت النمل تحت جذع شجيرات التوت ، قد أخرج حصيلة مخزون الحبوب ، يقطعها فلا تنبت بفعل مياه المطر ، وينشرها لتشبع من آخر شمس ، لتدخل فى شتاء طويل وبرد ومطر ، حكمة بالغه ، سبحان من خلقها بقدر فهداها .
حطت شجيرات التوت عجائز أوراقها ، فتناثرت على الأرض صفراء ، فتذكرت بزوغ مولدها غضة طرية خضراء نضره ، فرحة بنور الربيع ، نمت وترعرت وكبرت وشاخت وألقتها شجرتها ، ككل حياة ، مآلها إلى زوال ، ثم يهيج فتراه مصفرا ، ثم يكون حطاما ، لأن كل شِرب محتضر ، آنَ لها تودّع الحياة ، لتقف أمها عارية ، تواجه عواصف وأعاصير ، وتعود إليها الحياة فى ربيع قادم ، إن الذى أحياها لمحيي الموتى .
طابت حياة الخريف ، ولذ أكل الأسماك ، طال الليل ، وقصر النهار ، دورة منتظمة ، سبحان من قلب الليل والنهار وجعله خِلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ، ولكم ظلموا الخريف لما نعتوه بالنهاية ، ولكل نهاية عِبرة كلما ارتبطت بالبداية ، فللخريف جمالٌ وروعة كلما عادت الأرض جرداء ، والأشجار عارية ، فكانما تلتقط أنفاس الحياة ، وقد أرهقتها شمس حارقة ، لتستأنف من جديد ،
دورة حــيـــاة .