كانت هزيلة للغاية؛ يمتقع وجهها باللون الأصفر؛ تتعرق كثيرا؛ لا تجرى بطول (الحوش) و عرضه كسائر الأقران. تكح كثيرا فى الشتاء، و لا تفارقها المناديل احتفاء بنزلات البرد التى تعتبر جسدها الصغير (بيتها و مطرحها).
لقد كانت مريضة بالسكر!
و كان ذلك سببا كافيا لأن ينبذها الجميع و يتنمرون عليها. كانوا يسخرون من مرضها و يرفضون لمسها أو اللعب معها كى لا تعديهم! يتهامسون كلما ابتلعت حبة دواء مصيرية بقليل من ماء (الزمزمية) قبل تناول ساندويتشات الفسحة خاصتها.
نعم، لهذا الحد و أكثر يمكن لأطفال أبرياء أن يكونوا (جزارين) قلوب!
شاركتنى و صديقتى (دكتنا) الميمونة بالصف الأوسط. و رحبنا بها عكس سائر الفصل.
كنت أحبها و ارتاح فى صحبتها .. أضفى المرض عليها حزنا و حكمة و رزانة لا تنبغى لطفلة فى الصف الأول الابتدائي قط.
راق لى عقلها، و شجنها، و اقتسم وجدانى محنتها.
لم تطل البقاء معنا، و حولت إلى مدرسة أخرى.
ابكانى ذلك لفترة ليست بالقليلة.
و مازلت أذكر ملامحها و ادعو لها بظهر الغيب.
سلام عليك يا هبة أينما كنت.