بقلم: ا.د. محمد صالح الإمام
لقد اختلط الحابل بالنابل فالظالم يدعي التدين و في حديثه تخرج بأنه صاحب أخلاق وفي ممارسته تجد أخلاق بلا تدين وهؤلاء سادة في بعض المجتمعات ويرتكن معظمهم الي تولية من ليس لديهم لا أخلاق ولا تدين إنما هم إِمَّعَةً … نعم فالأخلاق هي التمييز بين الخير والشر بناء على العقل وليس على النصوص الدينية التلقينيه ومن يعيها عقليا فاز وارتقي و يبدو ذلك جليا في سلوكيات الحياة ما بين مزج ودمج وانفصال واتصال متقطع وتلوين حربائي وكأنها مقومات أساسية أصبحت أسلوب حياة تنحي بنا في القول بأن هناك سر بين الله والظالمين..سر كبير..أكبر من تلك الأسرار بين الله وأوليائه!! سر يُملى الله بسببه للظالمين..يُمكِن لهم..يُزين لهم سوء عملهم فيرونه حسنًا.. يُطغيهم ويُعمى بصائرهم عن الحق..يُلهمهم التبرير لظلمهم وبغيهم.. يُضل عقولهم ويختم على قلوبهم..حتى يأخذهم بغتة على ضلالهم وفسادهم..
أما المظلومون فليطمئنوا تمامًا.. فالله ينصرهم ولو بغير دعاء..لأن الظلم مضاد للفطرة..مضاد لمرادات الله..الله سيقتص..الحساب عنده بوزن مثقال الذرة..فلا تبتئسوا فهو سبحانه يسمع ويرى..
نسأل الله فى ساعة الإجابة أن يُعجِل بنصره وفرجه لكل مقهور ومظلوم..وما ذلك على الله بعزيز.. إن هذا التحليل يعلمنا أن المنحني الاعتدالي حقيقة واقعة لظواهر الدنيا والآخرة فإذا كان في وسط المنحني يوجد عامة الناس المعتدلين وعلي الطرفين تجد يمينا أصحاب اليمين وهم الذين ينقلبون إلي أهليهم مسرورين وفي الطرف الاخر أهل الباطل واليسار أنهم كانوا في ومع أهاليهم مسرورين ….. المؤسف أننا اليوم أمام نموذج لمواطنين لا يردعهم شيء لا دين ولا قانون ولا أخلاق مدنية.. ما الذي حدث؟
أقول إن بني آدم الآن يغتال القيم فماذا نحن منتظرون ……
إن التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع ، في شتى مناحي الحياة هذه الأيام ، قد انعكس بشكل ايجابي على التعليم ومحتواه وأساليبه في المراحل المختلفة ، بدءا من مرحلة ما قبل المدرسة وانتهاء بالتعليم الجامعي . ولكن التقدم في مجال تعليم المعارف والمهارات ، لم يواكبه تقدم في تعليم القيم الإنسانية الرفيعة التي تحتاجها الأجيال ، كحاجتهم للمعارف والمعلومات والمهارات .
يوجد قصور واضح في تعليم القيم الإنسانية ، والتأكيد عليها وعلى أهميتها في المدارس والجامعات ، انعكس بشكل سافر على سلوك الطلبة . ان قيم العدالة والمساواة والحق وتقبل الإختلاف وتقبل الآخر بالإضافة إلى الامانة والصدق والتعاون كما التعاطف قيم يجب على التربويين والآباء والأمهات ضمان امتلاكها من قبل الطلبة بالتعليم وبالقدوة ، جنبا الى جنب مع ما يدرسون من مواد تعليمية .
فكيف يمكن مثلا ان ينجح تعليم الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس النظامية (التعليم الدامج ) بدون قيم تقبل الآخر او تقبل الإختلاف او العدالة …
كيف يمكن اجراء امتحانات للطلبة عن بعد بدون التأكد من امتلاكهم لقيم الصدق والأمانة والعدالة ، اذ لا يكفي الضبط الخارجي …
كيف يمكن التأكد من سير التعليم داخل الصف عندما يغلق المعلم باب غرفة الصف ويبقى هو والطلبة لوحدهم ، وكذلك الحال مع استاذ الجامعة بدون امتلاك قيم الأمانة والإخلاص و( تقوى الله ) …
نعم ندق ناقوس الخطر ؛ فلقد أصبحت الأنانية الفردية والرغبة في الربح السريع، أو الربح بدون كد واجتهاد وعمل، مبتغي الأغلبية تعمل على أن تحقق لنفسها وضعية رفاهية على حساب الآخرين، وهذا نتاج التدين السطحي والتربية غير الأخلاقية، لقد فقدوا القيم النبيلة والإنسانية المكلفة، ولاستعادتها لا بد من حملة وطنية، وأن تقف الحكومة ومجلسي الشيوخ والنواب والنخب العلمية الوطنية و الدينية لتقوم بحالة استنفار كبرى في موضوع الأخلاق والقيم، وتبدأ من التعليم