كتبه: د. إبراهيم سلطان
العلم هو الوسيلة التي يرتفع من خلالها الإنسان ويصل إلى أعلى المراتب، فالعلم هو سلاح في هذا الزمن والذي نحارب به الجهل، وبه نحقق أحلامنا ونتقدم إلى الأمام، فصاحب العلم يساهم في تقدم مجتمعه وتطوره.
العلم يبني بيوتاً لا عماد لها، والجهل يهدم بيوت العز والكرم، أي أنّ البيوت تبنى بالعلم وتهدم بالجهل، لأنّ المتعلم يهتم بجميع القيم والمبادئ التي تساعد على بناء البيت أما الجاهل فلا يعرف كيف يتصرف أو كيف يربي أولاده ويؤسس بيته.
لقد مدح الله -عز وجل- العلم وأهله، وحث عباده على العلم والتزود منه، وأوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه وأمته بالعلم، فهو من أفضل الأعمال الصالحة والعبادات، قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، والآيات في هذا المعنى كثيرة معلومة. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من سلَكَ طريقًا يبتغي فيهِ علمًا سلَكَ اللَّهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ وإنَّ الملائِكةَ لتضعُ أجنحتَها رضاءً لطالبِ العلمِ وإنَّ العالمَ ليستغفرُ لَهُ من في السَّمواتِ ومن في الأرضِ حتَّى الحيتانُ في الماءِ وفضلُ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)، ورُوي عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أنه قال: (ذُكِرَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رجُلانِ؛ أحدهما عابدٌ، والآخَرُ عالِمٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فضلُ العالمِ على العابدِ كفضلي على أدناكم، ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ: إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ).
وحبُّ العلم يجعلك تضحِّي من أجله، حبُّ العلم يجعلك تسهر الليالي، حب العلم يجعلك تستيقظ باكرًا، حب العلم يُربِّي في الإنسان النظام والانضباط، ويجعل حياته كلَّها فاعلية ونشاطًا.
نحتاج في مجتمعاتنا إلى نظام حياتي حقيقي، في العمل والدراسة والمعاملات الاجتماعية وكلِّ المجالات، وأول من يضع معالم هذا النظام هو العلم؛ لأنه يؤسِّس لمخطَّط مستبصر، تضعه عقول واعية مدركة.
إننا مطالبون أكثر من أي وقت مضى، أن نسعى إلى طلب العلم، والحث على حبِّه وأن نغرس في الأجيال حبَّ التعلُّم، هذا هو السبيل الحقيقي لبناء جيل يبني بلده، ويعلم هدفه فيجسِّده بثقة تامة.
عندما تملك العلم، فأنت مسؤول أمام خالقك لتبليغه إلى الناس، وترسِّخ فيهم هذه القيم الرائعة، أولادنا فلذات أكبادنا أكثر حاجةً إليه في المدارس والجامعات، إن رُسّخ فيهم حب العلم أراحوك وأصبح وجهك باسمًا مشرقًا، وتكون قد أدَّيت رسالتك في الحياة.
للعلم لذة فريدة يجب أن تكشفها لغيرك، أسلوبك في الشرح وتوصيل المعلومة، حسن المعاملة وتَفهُّم احتياجات المتلقِّي، اللباس والهندام وحسن المظهر، العلم هو من يضع لك ترتيبات حياتك في أدقِّ تفصيلها.
ما خاب من سعى في طلب العلم، فهو طريق النجاح في الدنيا، وهو المُقرّب إلى جنان الآخرة؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء، منارات مشرقة على المنابر، تشرئبُّ إليهم الأعناق كي تسمع أحلى الكلمات، كلمات فيها عبرة وعظة، معلومة وفائدة، تَلفّها قيم أخلاقية توزَن بالذهب.
وأنا هنا لا افاضل بين طلَب العِلْم الشرعي وطلب العلْم الدنْيوي النَّافع المفيد، فكلاهما مطلوب، وإن كان طلب العلوم الشرعيَّة من أفضل ما يتقرَّب به العبد إلى الله تعالى؛ إذ شرف العلْم بشرف المعلوم، وله مكانة ومنزلة خاصَّة بين العلوم النَّافعة؛ قال الثَّوري: “إنَّما فضِّل العلم لأنَّه يتَّقى به الله، وإلاَّ كان كسائر الأشْياء”.، وعن معاوية – رضِي الله عنْه – قال: قال رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَن يُرِد الله به خيرًا يفقِّهه في الدّين»؛ متفق عليه.، ولكن طلب العلوم الدنيوية النافعة من أعظم العبادات وأنفع القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وقد تتعين على بعض الطلبة فيكون تحصيلها فرض عين عليهم إذا توجهوا إليها وكانوا مؤهلين لتعلمها ومتميزين عن قرنائهم في ذلك وكانت الأمة في حاجة إليها ولم يكن غيرهم مؤهل للقيام بها، وأقول لمن يمتلك هذه المهارات أنه لا يستبعد أن يكون تعلم هذه العلوم فرض عين بالنسبة لك ولأمثالك فامض في طريقك ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان، وأخلص النية لله تعالى في أعمالك كلها وفي طلب العلم سواء كان دينيا، أو دنيويا لتفوز بسعادة الدارين.
وأقول لشباب اليوم الذين يحصلون على المؤهل العالي ويجلسون في بيوتهم لينتظروا الوظيفة ويقولون أن أباءهم كانوا يحصلون على مؤهل متوسط ويعملوا، اقول لهم أنتم مخطئون فلكل عصر متطلباته ومكتسباته ولقد اصبح المؤهل العالي هو الحد الأدنى للتعليم في هذه الوقت وانت كشاب مطالب ان تتسلح بالعلم لكي تدخل سوق العمل وعليك ان تتمكن من ثالوث العمل وهو ( المؤهل العالي – اللغة الانجليزية – الكمبيوتر )، فضلا عن ذلك يجب عليك أن تحدد هدفك ومجال عملك الذي تتميز فيه وان تكمل الدراسة في هذا المجال فتحصل على الماجستير والدكتوراه لكي تصبح متطورا وخبيرا في مجال عملك، وادعو الله ان يوفق شبابنا في تحقيق اهدافهم ونبل توجهاتهم وافكارهم وسمو ورقي ورفعة بلدهم، فمصر تستحق منا اكثر من ذلك بكثير، وفقنا الله واياكم.