نقله: سها عزت
قف للمُعلم وفهِ التبجيلا، كاد المُعلم أن يكون رسولا.. بيت من الشعر قيل في مدح المعلم وقدرته على تغيير حياة طلابه إلى الأفضل، لكن ما دار وجرى داخل مدرسة الشهيد عمر الفار الموجودة داخل قرية سمادون التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية كان مخالفًا لكافة التوقعات ولا يمت بأي حالٍ من الأحوال إلى قدسية العلم والتعليم؛ بعدما تجرد أحد المدرسين من آدميته قبل مهام مهنته وقدسيتها ليمزق وجه أحد طلابه، لا لشيء إلا لأن الطالب رفض الانصياع لتدخل المدرس لوقف مشاجرة كانت قد نشبت بينه وعدد من زملائه في فناء المدرسة.
الساعة كانت تقترب من السادسة صباحًا ، وبينما يتسلل ضوء الشمس ليملأ سماء قرية سمادون الموجودة داخل نطاق مركز أشمون في المنوفية، توجه الفتى أحمد إلى مدرسته المعروفة باسم الشهيد عمر الفار، الموجودة وسط القرية، وفي طريق حفظته خطواته قبل عقله على مدى أيام وأسابيع وشهور سابقة في سنوات الدراسة المختلفة، ما أن وصل إلى المدرسة حتى انتظم في طابور الصباح ، لكن دقت الساعة السابعة ووسط فناء المدرسة تغير كل شيء فجأة.
دقائق قليلة فصلت بين وجود الطلاب في فناء المدرسة وبين جلبة كبيرة أحدثتها مشاجرة بين عدد من طلاب المدرسة، وبين شد وجذب تدخل أحد المدرسين، ويُدعى بهاء، مدرس الدراسات الاجتماعية بالمدرسة، والذي كان يتولى مهام الإشراف في المدرسة وقتذاك، ليدفع بنفسه بين حشود الطلاب محاولًا استبيان الأمر وفض النزاع، لتنجذب عينيه ويديه إلى الطالب أحمد ياسر، الذي كان طرفا أصيلا بين المتشاجرين، فيجذبه المدرس من ملابسه سعيًا لإنهاء ما يحدث، إلا أن الطالب رد بأسلوب لم يعتده المدرس من أى من طلابه طوال رحلته وعهده بالتعليم.
لحظات اختلط خلالها الحابل بالنابل ليرد المدرس على تلميذه رداً فاق السباب بمراحل؛ إذ جذب سلاحا أبيض «كتر» مزق به وجه الطالب وأصابه بجُرحٍ غائر استلزم تقطيبه نحو 50 غرزة طبية، وسط حالة من الدهشة اعترت الجميع بما فيهم زملاء المدرس داخل المدرسة، في مشهد بدا كما لو كان قد حدث في سويقة لا مدرسة تُعد محرابًا للعلم ذو قدسية في قلوب كل من يتلمس طريقًا لزيادة متحصلاته من المعرفة.
ساعات قليلة وحضر والد الطفل ليفاجأ بنجله مُلقى في فناء المدرسة والدماء تغرق وجهه، قبل أن يعرف حقيقة ما دار ليصُب جام غضبه في عبارة خرجت بطريقة عفوية تسأل عن ماهية دور المدرس حتى وإن أراد عقاب الطالب لأي سببٍ كان، ليمسك الأب بنجله ويترجلان سويًا في طريقهما إلى مستشفى أشمون المركزي، وهناك انتهى الفريق الطبي من تقطيب جرح الفتى وإعداد تقرير طبي يؤكد أن الطالب قد تعرض لجُرح قد يترك أثره مع الزمن في وجهه، ليستغيث الأب بوزير التربية والتعليم لأجل فتح تحقيق في الواقعة حتى يتسنى له الحصول على حق نجله بعدما تسبب المدرس في تشويه وجهه.
وحرر الأب بلاغًا رسميًا في مركز شرطة أشمون، حمل رقم 27843 جنح أشمون لسنة 2021، تبعه ضبط المدرس المتهم من قِبل الأجهزة الأمنية بمديرية أمن المنوفية، وبالعرض على النيابة العامة أمرت بعرض الطالب المجني عليه على لجنة من الطب الشرعي لفحص الإصابة وتحديد سببها، وحبس المدرس المتهم على ذمة التحقيقات، فيما أفاد مصدر في مديرية التربية والتعليم بمحافظة المنوفية بأنه قد تقرر إيقاف المُدرس المتهم عن العمل لحين انتهاء التحقيقات، قبل أن يؤكد على أنه في كل الأحوال لا يجوز الاعتداء على الطفل بهذا الأسلوب، وأن هناك صلاحيات تكفل للمدرس طرق عقابية دون الإيذاء البدني، بينها الفصل أو استدعاء ولي أمر الطالب.