نقله : فاطمة الحلوانى
الساعة السادسة صباحا يوم الأربعاء 11 من ذى القعدة لسنة 1383هـ ــ 25 مارس لسنة 1964م، يأتي فى الراديو صوت الشيخ محمود خليل الحصرى، مرتلا بقراءة حفص عن عاصم، لتوثيق القرآن الكريم كاملا بتسلسل السور والآيات كما أنزلها أمين الوحى جبريل “عليه السلام” على قلب سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فى أول إذاعة للقرآن الكريم
وراء قصة إنشاء الإذاعة أبعاد ذات مغزى كبير، حيث تعتبر أول إذاعة من نوعها والأقدم على مستوى العالم بين إذاعات القرآن الكريم، فهى تسلط الضوء على الدور الحضارى والثقافى الإسلامى، ليس فى مصر فقط بل الوطن العربى ككل.
كانت بداية فكرة إنشاء الإذاعة فى أوائل الستينيات من القرن الماضى، عندما انتشر طبعة مذهبة من المصحف، بورق فاخر وتنسيق وإخراج متميز، ولكن اكتشف أن بها تحريفات مقصودة منها على سبيل المثال قوله تعالى: “وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {85}”(سورة آل عمران)، وتم طبعتها فى النسخة المذهبة مع حذف كلمة “غير” فأصبحت الآية تعطي عكس معناها تمامًا !.
ومن هنا جاءت فكرة وضع آليات لتوثيق القرآن الكريم، من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الاجتماعية، آنذاك، وكانت البداية هو تسجيل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بصوت القارئ الشيخ محمود خليل الحصرى، لتوزيعها على المسلمين فى أنحاء العالم الإسلامى، ويعد هذا أول جمع صوتى للقرآن الكريم بعد أول جمع كتابى له فى عهد خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبي بكر الصديق.
ولكن مع مرور بعض الوقت تم التأكد أن تلك الوسيلة لم تعد تكن فعاله فى تحقيق الهدف المرجو منها، لضعف الامكانيات المادية داخل دول العالم الإسلامى، بالإضافة لعدم توفر الطاقة الكهربائية اللازمة لها بحكم الوضع الذى كانت عليه دول العالم الإسلامى فى أوائل الستينيات من القرن العشرين.
ومع المشاورات والباحثات قرر الدكتور عبد القادر حاتم، الذى وضع البنية الأساسية للإعلام المصرى فى الخمسينيات وأنشأ أول وكالة للأنباء وأقام مبنى ماسبيرو المستدير فى الستينيات، بتخصيص موجة قصيرة، وأخرى متوسطة لإذاعة المصحف المرتل الذى تم تسجيله بواسطة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وبعد موافقة الزعيم الراحل الرئيس جمال عبد الناصر، بدأ إرسال إذاعة القرآن الكريم”.
بدأ إرسال الإذاعة بمدة إرسال قدرها 14 ساعة يوميا، من السادسة حتى الحادية عشرة صباحًا، ومن الثانية حتى الحادية عشرة مساءً على موجتين إحداهما قصيرة وطولها 30.75 ك.هـ والأخرى متوسطة طولها 259.8 ك.هـ، لتكون أول صوت يقدم القرآن كاملًا بتسلسل السور والآيات كما نزل بها أمين الوحى جبريل “عليه السلام” على قلب سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
وحققت إذاعة القرآن الكريم هدفها المنشود لحفظ المصحف من المحاولات المكتوبة لتحريفه، حيث يصل إرسالها إلى الملايين من المسلمين فى الدول العربية والإسلامية فى آسيا وشمال أفريقيا، حيث كان الراديو الترانزيستور وسيلة لالتقاط إرسالها بسهولة.