نقله:سها عزت
على شاطئ البحر، وقف أحمد الشرقاوي، شابٌ في مقتبل العمر، يحمل على كتفيه سنوات من الكفاح والمعاناة. هو الابن الوحيد لأب وأم كرّسا حياتهما لتربيته، فكان الابن البار والمكافح، بدأ العمل منذ صغره، حتى أسس خط إنتاج ملابس حريمي وأصبح من المُصدّرين خارج مصر. لم يكن النجاح وحده ما ميّزه، بل أخلاقه الرفيعة وتدينه، حيث فصل بين الرجال والنساء في مصنعه، واتقى الله في كل من تعمل تحت إدارته.
من ناحية أخرى، جلس على الجانب الأيسر في توكتوك مهترئ، شاب آخر كان القدر قد منحه فرصة للنجاة من الضياع، حين احتواه “الشرقاوي” وأعطاه فرصة للعمل بتوصيل طلبات المصنع، رغم سوء حاله وتردي ظروفه، وكان يصرف له أجره نهاية كل أسبوع دون تأخير، بدافع الرحمة لا المصلحة. لكن الشاب اختار طريق الظلام، وانجرف خلف الإدمان والمخدرات، خاصة “الشابو” الذي أهلك جسده وعقله.
الشرارة التي أشعلت المأساة بدأت حين اشتكت فتاة لم تتجاوز السابعة عشرة من سائق التوكتوك، بعدما تعرضت لمضايقاته المتكررة داخل المصنع. لم يتردد “الشرقاوي”، وانحاز إلى الحق، فواجه السائق وطرده على الفور. لكن رد السائق جاء صادماً: “والله لأضربك بالنار!”، ليرد عليه الشرقاوي بكبرياء الشجعان: “أنا مبخافش غير من اللي خلقني”.
وفي اليوم التالي، نفّذ الجاني وعيده. بعد أن قام بتحطيم كاميرات المراقبة، تربص بأحمد في الشارع، أوقفه، أخرج مسدساً، وأطلق رصاصة غادرة استقرت في رأسه… ليسقط “أحمد الشرقاوي” شهيد الشهامة والمروءة في الحال.
تحركت الأجهزة الأمنية في مركز المحلة بسرعة ونجحوا في ضبط الجاني خلال أقل من 24 ساعة، ليُحال للنيابة، وسط حالة من الحزن والغضب في منطقة محلة حسن، حيث رفضت أسرة الضحية إقامة عزاء حتى القصاص العادل.
هكذا أسدل الستار على حكاية شاب بدأ من الصفر، وانتهى بطلق ناري غادر، فقط لأنه قرر أن يكون رجلاً في زمنٍ عزّ فيه الرجال.