الأحد , 24 نوفمبر 2024
الرئيسية » تحقيقات و ملفات » العاصمة الإدارية الجديدة .. طموحات وتحديات

العاصمة الإدارية الجديدة .. طموحات وتحديات

1

ماجدوى استحداث عاصمة إدارية ؟ وكيف تصبح نقلة حضارية لمصر؟ وهل يمكن التخلى عن القاهرة  التى أسسها القائد الفاطمى جوهر الصقلي سنة 969 م ؟، ومايضمن نجاح المشروع بعد فشل تجارب سابقة ؟ تساؤلات صاحبت الإعلان عن مشروع  العاصمة الإدارية الجديدة بين السويس والعين السخنة خلال المؤتمرالاقتصادى والمنتظر إصدار قرار جمهورى يحدد تفاصيلها ومساحتها خلال شهر.

وتبلغ مساحة العاصمة الجديدة وفق بيانات وزارة الإسكان التى تتولى التفاصيل الفنية للمشروع -حوالي 700 كيلو متر مربع أي ما يعادل مساحة سنغافورة تقريبا وتقع شرقي القاهرة على بعد نحو 50 كيلومترا وتتسع ل5 ملايين نسمة وتتضمن مدينة ترفيهية عالمية و25 حيا و250 كم² من شبكات الطرق و91  كم² لحقول الطاقة الشمسية ومطارا دوليا و مساحات من الأراضى للتأجير ومراكز تجارية ووحدات سكنية وغرف فندقية ومرافق للرعاية الصحية ودورالعبادة والتعليم ومبان للقصرالرئاسى والبرلمان والسفارات ،وتوفر 1.7 مليون فرصة عمل دائمة،ويستغرق تنفيذها حسب المخطط من 5 الى 7 سنوات بتكلفة تقدرب45 مليار دولار .

 خطوة جيدة ولكن

وباستطلاع آراء عدد من الخبراء حول مشروع العاصمة الجديدة بما لهاوما عليها  قال د.حمدى عبد العظيم أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات الأسبق للموقع إن العاصمة الإدارية ستخفف الضغط على الطرق والمرافق وتقلل الزحام والتكدس المرورى خاصة بعد نقل الوزارات خارج القاهرة  التي اكتظت بالملايين من السكان والوافدين مما يعد خطوة جيدة بشرط التطبيق بصورة مناسبة وتوفير مناطق خدمية وسكنية ملائمة للعاملين الذين سيتم نقلهم.

ونبه د.حمدى عبد العظيم الى ضرورة تلافى مشاكل تتعلق بسهولة الانتقال مثل عدم تجاوب المواطنين ورغبة الموظفين فى منازل بجوار أماكن عملهم وسيارات للانتقال أو وسائل مواصلات وإلا سيتأخرون ويتغيبون مما يؤثر على حجم وجودة الانتاج والخدمات المقدمة للمواطنين ويرجح البدء بالوزارات السيادية كالدفاع والعدل والشرطة والكهرباء والاسكان.

ولفت الى أنه لابد من توفير التمويل فى وقته لعدم التأخر فى التنفيذ  لأن الدولة لا تمتلك السيولة المالية اللازمة لتنفيذ المباني داخل العاصمة في ظل عجز الموازنة وهناك مصالح متبادلة بين المستثمر الاماراتى والحكومة والمواطن .

وأشار الى أن هناك شبكة مترو لابد من ربطها بالقاهرة لسرعة وصول الطلبة الجامعات والموظفين عملهم . ودعا الى  إتاحة بعض الوحدات عن طريق الإيجار للعاملين بالوزارات بسعر أقل مما هي عليه في القاهرة.

ولفت الى أن دول الخليج لم تطبق هذه التجربة ولكن يمكن الاستعانة بتجربة باكستان التى تحولت عاصمتها من كراتشى الى اسلام اباد وصارت الواجهة الحضارية لها ومن أشهر الدول التى غيرت العاصمة جنوب افريقيا ونيجيريا وكازاخستان وميانمار وروسيا والصين التى تحظر إقامة المبانى الحكومية فى قلب بكين لمدة 5 سنوات.

 مجتمع سكنى حضارى

وقال د.عادل مختار أستاذ العمارة بكلية الهندسة بجامعة حلوان ومستشار وزيرالثقافة سابقا إنه لأول مرة يقام بمصر مجتمع سكنى حضارى بالتعاون مع شركة مطور عقارى له خبرة طوبلة بالامارات مؤكدا أن الفكرة ضرورة فرضتها الكثافة السكانية الفائفة للحد بالقاهرة بشكل يجعل الاستمرار بها مستحيلا لأنها أصبحت تستوعب فعليا نحو 20 مليون بدلا من 5 ملايين نسمة وهذا الضغط  حولها الى ثكنات  ويسبب نحر المرافق وإتلاف الاعصاب ويضعف الإنجار الذى يصل الضعف بالمدن المتقدمة .

وطالب د.عادل مختاربتحقيق التوازن بين عوائد الدولة وفوائد المستثمر الذى يستثمر 45 مليار دولارفى المنشآت والمشروعات بينما تتحمل الدولة تكلفة المبانى الإداربة والوزارات وتوفر الاراضى والمرافق والخدمات .

وأشار الى ان الجديد دائما يثير القلق ولكن نموذج المرحلة الاولى للمدينة هو الفيصل فى أن يجذب الناس ويدار بخبرة المستثمر التى ستحقق العمارة المستدامة بتكنولوجيا الإدارة الحديثة وتوظيف الطاقة النظيفة وإقامة مدينة علمية شاملة والكشف عن مخرات السيول لتمثل الوادى .

وردا على من يدعى أن مشاكل القاهرة ستنتقل للقاهرة الجديدة على بعد 50 مترا ،أكد أستاذ العمارة أن ذلك غير صحيح لأن العاصمة الإدارية ستقام على مراحل وستكون منظمة بطريقة حضارية تتلافى هذه المشاكل  حيث سيتم ربطها  بشبكة مواصلات متطورة، و بمترو الأنفاق المار بطريق القاهرة ـ السويس، وبالقطار المكهرب الذي سيمر بطريق القاهرة ـ الإسماعيلية.

ودعا الى حب الوطن والتوقف عن النقد الهدام للمقترحات الجديدة ونغمة توقع المشاكل والمطالبة بدراسة الجمهور والمتخصصين أولا  ، لأن التجارب السابقة من مدينة نصر و 15 مايو والسادس من أكتوبر ثم القاهرة الجديدة  أسهمت في مضاعفة مشاكل القاهرة لأنها قامت علي أساس عقاري.

وتابع انه لايمكن التخلى عن القاهرة لأن الدستور المصري ينص على أن مدينة القاهرة -لا محافظة القاهرة- هي عاصمة البلاد.

 الجدوى الاقتصادية والتنموية

وأوضح  د.عادل عامر رئيس مركز الدراسات القانونية والاقتصادية بطنطا أن الجدوى الاقتصادية للمشروع تتمثل فى أرباح المستثمر وزيادة رقعة العمران أى فى زيادة المشروعات التنموية بمصر حيث تهدف خطة المشروع إلى نقل الوزارات المصرية إلى المدينة الجديدة لتقليل الاحتقان المزمن في القاهرة ، مما يفتح آفاقا جديدة للتوسعة العمرانية الأفقية ويمهد الطريق نحو الخروج من الوادي الضيق.

وأضاف أن مدينة القاهرة تتحمل حاليا نحو 12 مليون بدلا من 4 ملايين مما يمثل ضغطا على الأجهزة والطرق والمرافق ويزيد مشاك العشوائيات مما يحتم تخفيف الضغط خاصة مع توقع الزيادة السكانية حيث وصل تعداد سكان مصر حتى  18/ 8/ 2014  الى  95 مليون نسمة،مما دعا لانشاء المدينة الجديدة كمركز إدارى  للقضاء على  أزمة المرور التي تواجهها مصر بسبب تكدس المواطنين علي المصالح الحكومية المتمركزة  في قلب القاهرة والانتقال اليها لإنهاء المصالح الادارية والسكن والاستثمار سيزيد المساحة المخصصة للسكان من نحو 7 % الى 25 %.

المبادرات ..السابقة

ويفسر د.عادل عامر فشل المبادرات السابقة بعدة أسباب منها عدم جدية الإرادة الادارية والسياسية وقتها وممانعة بعض المواطنين فى الانتقال اليها لابتعادها عن أماكن العمل والسكن أما هذه المرة نتوقع لها النجاح لتوافر الجدية ولإقامة جهاز لنقل الموظفين من والى مقار عملهم بالعاصمة الجديدة  وربط موقعها بمراكز النمو في المحافظات من خلال شبكة من وسائل النقل، مشيرا إلي أن المشروع سيعتمد علي أحدث النظم التكنولوجية في البناء والتشييد وبمواصفات عالمية.

ولفت الى أنه يصاحب المشروع تسهيل حصول المواطنين داخل المحافظات على الخدمات اللازمة دون  السفر للعاصمة مع خدمة القاطنين بالقاهرة بالتيسير عليهم فى الانتقال  بتوفير شبكة مواصلات خلال نصف ساعة .

ونوه عن أن فكرة مشروع العاصمة الإدارية سبق طرحها  عام ١٩٧٦ عندما وضع الرئيس الأسبق محمد أنورالسادات حجر الأساس لعاصمة إدارية بديلة عن القاهرة هى “مدينة السادات”، مطالبًا بنقل الوزارات إلىها لكن موظفي أجهزة الدولة رفضوا الانتقال إلى المدينة الجديدة بسبب ضعف الاتصال بينها وبين المدينة الأم مما عكس ضعفًا في التخطيط للقرار قبل اتخاذه ولعلاج ذلك تم إلحاق مباني الوزارات المقترحة بجامعة المنوفية، وعادت فكرة العاصمة الإدارية مرة أخرى للظهور في عهد الرئيس الاسبق  محمد حسني مبارك وتم وضع حجر الأساس لمجمع الوزارات في المدينة، إلَّا أن المشروع توقف مرة أخرى، وأعادها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكن بحجم أوسع وخطة أكثر تفصيلا وتكاملا على يد حكومة محلب.

ويتفق معه  حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال، فى  أن إنشاء عاصمة إدارية جديدة، سيقضي علي تكدس المواطنين في القاهرة ، مؤكدا أنه كان لابد من انشاء تلك العاصمة الجديدة الامتداد، حتي لا يحدث اختناق في القاهرة الكبري خاصة مع  توقع تضاعف عدد السكان  في عام 2050.

وطالب رئيس جمعية رجال الأعمال،بالاتفاق على عدة نقاط قبل التنفيذ مثل عدد الموظفين الذين سيتم نقلهم وهل سيقومون بأعمال فعلية تستدعى الانتقال أم سيكونون طابور بطالة مقنعة فضلا عن إتاحة فرص العمل اللازمة لانهاءالبطالة التى بلغت نحو13.5 %، موضحا أنها  زادت خلال السنوات الأربع الماضية، بسب الأوضاع السياسية التى كانت تمر بها مصر.

ويشار الى أن العديد من البلدان على مستوى العالم قد نجحت فى تنفيذ الفكرة مثل  روسيا التى  تنبهت الى ضرورة إنشاء عاصمة جديدة منذ بداية القرن الماضي، بعد أن واجهت العاصمة الروسية القديمة “سان بطرسبرج” مشكلات عديدة تتعلق بالسكان والمواصلات والطاقة،  لتصبح موسكو،العاصمة  إلا أن “سان بطرسبرج” ظلت من أهم المدن في البلاد، التي يسند إليها تنظيم أهم الفعاليات على مستوى العالم و اتخذت البرازيل قرارًا ببناء عاصمة جديدة للبلاد في خمسينيات القرن الماضي، بعد مشكلات مرورية ضخمة، حيث أتمت بناء العاصمة الجديدة “برازيليا” عام 1960، بدلًا من المدينة الشهيرة “ريودي جانيرو”.

وقامت نيجيريابتحويل العاصمة من أكبر المدن في البلاد “لاجوس” إلى مدينة “أبوجا” عام 1991، بعد مشكلات في مجالات عديدة، كادت أن تضيع المظهر الجمالي لعاصمة البلاد اضافة لتجارب بورما وكازاخستان وغيرها .

عوائد ايجابية على القاهرة

ومن جانبه أبدى د.جلال  سعيد محافظ القاهرة ترحيبه و تفاؤله بإقامة العاصمة الادارية الجديدة التي تم الاتفاق عليها خلال المؤتمر الاقتصادي  بشرم الشيخ مؤكداً علي انها سيكون لها مردود ايجابي علي القاهرة خاصة وأنها ستكون مركزاً للمال والأعمال .

وأكد محافظ القاهرة أن العاصمة الادارية الجديدة  تعد نقلة نوعية ستدعم الجهود المبذولة لاستعادة رونق القاهرة وتخفيف العبء عن العاصمة.

ولفت المحافظ  الي أن تخفيف الضغط والزحام سيسهم فى تطوير وسط المدينة  بصورة كبيرة نحو الافضل بما يبرز قيمته التاريخية مؤكدا أن المحافظة تتعامل مع وسط المدينة بإدارة شاملة تتضمن تشغيل جراج التحرير وجراجات وسط المدينة مع منع الانتظار في شوارعها تدريجياً واستخدام اتوبيسات خاصة بنقل الركاب داخل الشوارع الممنوع الانتظار فيها كشارع قصر النيل وطلعت حرب وعبد الخالق ثروت وشريف ومحمد محمود وصبري ابو علم والتي تم منع الانتظار فيها كمرحلة أولي يليها منع انتظار السيارات في شوارع عدلي ومحمد فريد والقصر العيني من قصر العيني الفرنساوي حتى التحرير الي جانب أجزاء من شارع رمسيس .

 ملامح المخطط العام

وأعلنت وزارة الإسكان المصرية في بيان  صحفى  نقلا عن  وزير الإسكان مصطفى مدبولي أنه من المقرر الانتهاء من المخطط العام للعاصمة الإدارية خلال ثلاثة شهور من تأسيس الشركة المصرية الإماراتية المطورة للمشروع.

وذكر مدبولي أنه من المقرر “إعداد المخطط العام لكامل المدينة بجميع مراحلها من خلال أحد بيوت الخبرة العالمية ووفقا لأحدث النظم المتطورة وتقديم ذلك للجانب المصري خلال ثلاثة شهور من تاريخ تأسيس الشركة لإقراره “،موضحا أن المرحلة الأولى مقسمة إلى أسبقية أولى بمساحة نحو 105 كيلومترات مربعة وثانية بمساحة 30 كيلومترا مربعا.

وأضاف الوزير أن الشركة الإماراتية ستقوم أيضا، بتنفيذ منطقة وسط المدينة وحى الأعمال المركزى خلال الفترة من 5 إلى 7 سنوات، والتى تشتمل على المشروع الرائد ، وأعلى برج فى أفريقيا بإرتفاع يزيد عن 220 مترا، وتنفيذ حى سكنى متميز يضم مختلف مستويات الإسكان وتنفيذ حديقة عامة بتخطيط عالمى على مساحة لا تقل عن 2 كيلومترا على غرار حديقة الهايد بارك وتنفيذ مدينة ملاهى عالمية أو منطقة جذب إستراتيجية أخرى طبقا للمخطط العام الذى سيتم اعتماده.

وأوضح وزير الإسكان، أن العاصمة الإدارية الجديدة لن تتبع المحليات وستتضمن وحدات سكنية ضمن مشروع الإسكان الاجتماعى  لفئة محدودى الدخل وأن نصيب الدولة 24 % منها والشركات والعمالة المنفذة مصرية .

*ولاشك أن المشروع يحمل أمنيات وتطلعات كثيرة ولكن نجاحه هذه المرة يظل مرهونا ليس بالإرادة والامكانيات وحدها وانما بمدى الاستفادة من التجارب السابقة فى تجاوز العقبات وتنفيذ المخططات والترويج لعناصر الجذب الواعدة .

شاهد أيضاً

رسالة إلى المسئول… التوكتوك ماشى على حل شعره

كتبت: سوزان شعيب رسالة إلى كل تنفيذى مسئول، التوكتوك وسائقوه ماشيين على حل شعرهم ولا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *