بقلم: محمد عبدالفتاح
طــابت اوقاتكم
غالباً فى تأدية واجب العزاء أنتقى جِلسةً خاصة .. لأجلس في مواجهةِ الشيخ .. وأيضاً مدخل الخيمة..
لأنى مستمعٌ جيد .. وأتابعُ قسماتِ وجه القارىء وهو يتلو .. لأسباب كثيرة..
لكن عينى الأخرى .. على مدخل الخيمة .. أقرأُ وجوه المعزين .. فلقد طالَ بى العُمر .. وتقريباً .. عرفت كل البلاد المجاورة .. إلا ثلة الشباب الحديث ..
ففى كل وجه حكايه .. وقصة .. وقد لا ترى تِلكم البشر الا فى مثل هذه المناسبة..
لكن عزاء اليوم كان مختلفاً .. الشيخ جهورى الصوت .. وقرأ من سورة النساء .. آيات المواريث .. وفى الغالب يبتعد القراءُ عنها .. لِما فيها من أحكام متقاربة .. النصف والربع والثمن والسدس …
أو قل لأن السميعة كلهم لم يعترفوا بنصف ولا ربع…
وبينما أتابع القارئ .. وأتصفح الوجوه لأجد لكم مادة تخرجكم من همومكم ..
مجموعة من أقرانى وقد ارتزل بهم العمر .. فعلت بهم السنون فعلتها .. وحفرت الأهوال أخاديد عميقة على وجوههم .. فانكمش الجلد .. وذهبت نضارته .. وحِيل إلى ألوانٍ قاتمه .. زاد منها تلك الشِملات البيض التى تغطى رؤسهم .. وأمسك كل بمسبحته .. يهز رأسه مع القارىء .. كأنما يعى ما يقول..
فقلت .. ليتهم بلغوا ذلك . فهذا أنكر حق البنات .. وآخر ادعى بأنهن لا يرثن طينا .. بل ثمنه مالاً بخساً .. وبالتقسيط..
وبالقرب منى جلس أحدهم .. لى معه حكايه ..فقد توسطت لديه ليترك قريباً لى يبنى مسجداً ..فى أرضه..
كان قد منع إقامة المسجد .. ووضع شروطاً تعجيزية .. وهذا عرف فى الريف .
تصفى الخلافات وقت البناء ..( ألا قاتل الله الجهل )
ولما كلمته أيامها أبدى استعدادا وترحيبا بالبناء .. ولما ذهبنا لبيته لنوثق ذلك كتابة..
خرجت زوجه وأبناؤه .. وكالوا له السباب والإهانات أمامنا ..
وأقسموا لن يقام المسجد … وصاحبنا هو الحاضر الغائب ..
تذكرت أبى رحمه الله .. وديمقراطيتة التى تشبه ديمقراطية ترامب..
كان من الممكن أن يستشير .. لكن له رأى آخر ..
نافذ على الجميع .. وليس لأحد حق التعقيب
جالت بخاطرى مشاهد كثيرة..
وحمدت ربى أن أبى قد مات مبكراً .. فلو رأى تلك المواقف كان سيكلفنا الكثير .
من ردة فعل عنيفة .. وتلكم البُـلـغـة ..
التى وَطِـأت رؤسنا تهذيبا وتعليما ..
ما أحوج أشباه الرجال إليها..
ليكونوا رجالاً..
طـــبـتــم