بقلم: محمد عبدالفتاح
شكراً صاحب التنين
تعالت هيئة الأرصاد لما هلت تباشير الإعصار ، وأخذتها العزة بالإثم ، وكانت على وشك أن تطالب بأن تكون وزارة ، وبدأت فى ترقيم البيانات ، البيان رقم واحد ، وهكذا .
حتى آذان المغرب أمس وأنا متوجس من قدوم الأسوأ ، فمياه الأمطار قد لا تكون خطراً ، كفعل الرياح بالأشجار وانقطاع التيار ، والأهم عندى حقول القمح ـ المم ـ لو نامت الآن بفعل الريح ، لأن السنابل الآن ممتلئة ، ولن تقوى العيدان على رفعها مرة أخرى .
وقد علمنا أنه لا تنتصب إلا السنابل الفارغة ، ولا يكثر الضجيج إلا الأوانى الفارغة .
حتى العاشرة وانا متوجس ، منتظراً تلكم الرياح العاتية ، التى بشرتنا بها الهيئة ، ولما قرأت التحذير ، بأنها ستهب بعد قليل ، فقلت إذن ستقوم القيامة ، تقع البيوت ، وتقتلع الشجر ، فلتَمُت يا محمد وأنت نائم ، خير لك من أن ترى مصرعك فى التنين .
فلما دقت ساعتى البيولوجية عند منتصف الليل ـ فهى تدق كل ساعتين ـ لأخذ الطريق الصحراوى للحمام ، فوجدت السماء مضاءة هادئة كأنها ليلة القدر ، فقلت الله يخيبكم يا بتوع الهيئة ، فأنجزت مهمتى واستقبلت وسادتى ، فأنا أنام وأصحو ، لأن رأسي فارغة ، لا أبيت حاقدا ولا شامتا ، أترك الملك دوما لصاحبه .وقد قتلوا فى كل طموح .
فلما كان صبح الجمعه ، ما وجدت أثرا لرياح رغم أننا أخذنا حذرنا ، وباذن الله لن تكون هناك رياح ، لأن التنين فور نزوله ، أخبروة أن رادار المرور فى وزارة الداخلية ضبط السرعة على ١٢ ك ، وما زاد فهى مخالفة ، ومن يعارض ! .
لكننا كنا بحاجه الى ذلك التنين ، لتظهر عبقرية الشخصية المصرية الأصيلة التى تتجلى عبقريتها وقت الأزمات ، هذا صديق يعلن أنه على استعداد لتوصيل أى مريض للمستشفى ، وشباب التجمع ، ولاد الأكابر خرجوا بالسيارات الهمر ، يقيلون عثرة من ركبوا حطام السيارات، يجرونهم إلى بر الأمان ، تفتح الكنائس أبوابها ليبيت من انقطعت بهم السبل ، لقلة المواصلات ، وكذلك مسجد الفتح برمسيس .
والظاهرة الأهم ، هى قهر الكورونا ، تقابل قطارا الصعيد ، فقررا أن يقتلا الكورونا ، تقبيلا وعناقا ، والحمدلله ، بلا ضحايا .
كثيراً ما نحتاج للأزمات ، مثلما نحتاج للخلاف ، لتظهر الحقائق ، وتنصهر معادن الناس ،
فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض .
هيئة الأرصاد ، هذا التنين طلع جدى أجلح بلا قرون ، لكن على اى حال ، لا يعلو سقف طموحاتكم ، وأنا كمدرس درجتكم خمسة من عشرة .
بقيت الأوقاف وخطبة الجمعة ، هل سنتناول تلكم الظاهرة ، ونعلى ما ظهر من إيجابيات ، أم أن سلسلة حسن الخلق ستمتد لنهاية العام ، ونسميه عام حسن الخلق ، وبشارته إيقاف رمضان وشاكوش عن الغناء .
جمعه مباركة.