بقلم: محمد عبدالفتاح
كثرت أعداد الموتى ، ولم يعد يُقبِل الناس على العزاء ، ولم يعد يشغل أهل الميت من أداء واجب العزاء ومن لم يفعل .
فشعرتُ أن الموتى قد هانوا على أهليهم مثلما هانوا على الناس ، لم تعد الصلاة على الجنازة فى المسجد ، ولم تنتظر صلاة مكتوبة ليجتمع العدد الأكبر ، بل تكتفى الأسرة بالنذر اليسير ، وانتهت المصافحة والعناق ، وبارت أسواق الشيوخ المقرئين، وأصحاب الفراشة بيوت الضيافة المتنقلة ، واختفى وجهاء القوم الذين كانوا يتصدرون صدر السرادقات ، وانزوى أعضاء النواب المزمعين ، والسابقين .
ساد رعبٌ عمّ أرضَ الملك ، بعد أن أوصد بيوته فى وجه كل الملل ، مسلمين ومسيحيين، ويهود وهندوس وملحدون ، وعجبت لما تخطفت كورونا أعالى القوم ، ومن نجا ارتدى لباس الخوف ، وشكّ فى أهله والمقربين منه .
لكن ما هالنى ، هو رعب العامة التى لم تخف الموت يوماً ، طفت فى أرجاء الإقليم فوجدت أراض خالية بعد حصاد البنجر ، تستعد لموسم الأرز ، لكن لم يشرع الناس بعمل المشاتل ، الكثير من أرض الغلال جاهزة للحصاد ، والفلاحون منكمشون ، معنوياتهم متفرقة ، أهو الخوف من كورونا ، أم أن انخفاض أسعار الأرز أصابتهم بالإحباط ، لست أدرى !
الناس مضطربة لا تكاد تصدق ، الكعبة بلا طواف ، والحج ألغى ، فهل توقف إبراهيم عن الأذان بالحج ، فتعطل الرجال والركبان عن التلبية ، تحولت الأزمات الصحية إلى سياسية واقتصادية ، عجز العلم ومات العلماء .
فيروس حير العالم ، قالوا تقتله عصارة المعدة ، وإذ به يخترق جدار المعدة ، قالوا ثقيلا و يقع أرضا ، فإذ به يتطاير فى الهواء ، قالوا ينتقل بالمخالطة ، فإذ به يصيب الغواصات والسفن وناقلات البحر ، التى لم تختلط أو تقترب ، قالوا محاط بغشاء دهنى وحددوا هويته ، فإذ به يتحور إلى أشكال وأحجام .
- كشف سوأة الأنظمة الصحية للدول الكبرى ، وكان رفيقا بدول الفقر والمخيمات والمشردين ،
أى فيروس أنت ؟
اى جند أنت من جنود الملك ؟
ماذا تريد ، وكيف ستكون النهاية ؟
ألم تُقبل دعوةٌ واحدة من ملايين الحناجر ، التى تتذلل وتتضرع للملك ؟ وصدق الملك ..
وإن جندنا لهم الغالبون ..
آمنا ربنا بكتابك الذى أنزلت ، وبرسولك الذى أرسلت ، فعاملنا بالفضل لا بالعدل ، ارفع الكرب ، واكشف الضر ، ارحم عجزنا ، وأقِلْ ضغنا أمام جندك .
يا رحيم .