كتبه: لواء مصطفى خلف
فلاح بسيط مستور وميسور الحال. ورث عن والده أرض زراعية .نماها
كانت ثروته من ألابناء خمسة ذكور توفى أحدهم صبيا. .وبنتان
أحد أبنائه التحق بكلية الشرطة وتخرج عام 1981 وعمل بمديرية أمن الشرقية فور تخرجه من الكلية وواكب ذلك قررات اعتقالات السياسيين الشهيرة سبتمبر1981
الحالة طوارئ بالبلاد. .ظل الضابط شهرين تقريبا لم يزور أسرته. .ولم يزره أحدا من أسرته عقب تخرجه مباشرة
صباح السادس من أكتوبر 1981 بدأ العرض العسكرى بحضور الفارس الشهيد السادات
وفى ظهر نفس اليوم حصل الضابط وزميل له على أجازة لمدة ثلاث أيام مجمعة بعد مرور شهرين
استقل وزميله سيارة أجرة من الزقازيق متجهة إلى طنطا
وصل الضابط إلى منزل أسرته عقب المغرب بوقت قصير
وجد الأسرة تجلس حول الطبلية لتناول طعام العشاء
ألقى على أسرته السلام. .ردوا عليه السلام ورحبوا به. .طلب منه الجميع أن يجلس معهم لتناول الطعام فورا قبل أن يبدل ملابسه وتم ذلك بالفعل
أثناء تناول الطعام. .كأن مر على الضابط دهرا. .مندهش. ..أين فرحة أسرته به. .وأين فرحة أبويه به
كان متخيلا أن أسرته سوف تطير فرحا بقدومه ضابطا على كتفيه النجمتين تلمعان. ..خيال عريض واسع. .بفرحة أبوه بصفة خاصة. .بينهما. ..الأب والابن. .بينهما حب من نوع خاص. ..احترام. .حب. صداقة. .صحبية. هزار عفيف لطيف. .صراحة. .كل شيء كويس بينهما
سأل الأب الإبن بنبرة جافة عقب الانتهاء من تناول الطعام :
هو إنت معرفتش إن الريس استشهد. ..رد الإبن بعفوية تامة :
ايوة عرفت يا أبى أنا وجمال زميلى كنا فوق كوبرى بنها سمعنا مذيع الراديو بيذيع الخبر
وكان ما كان. .درس من الأب
درس عظيم. .مفيد. .ينبع وطنية. .ينبع بحب فطرى للوطن
حب للبلد. .حب صادق ..حب بسيط جدا. ..حب عميق جدآ
والله حتى الآن ما لمست هذا الحب للوطن من أحد. .مثل هذا الرجل الفلاح البسيط. .ولم لا. .فهو كان لا يطمح فى سياسة ولا أحزاب ولا يعرف عن السياسة والأحزاب شيئا
كان سياسى وطنى وحزبى بالفطرة
قال الأب للابن الضابط :
عليك العوض يارب فى ابنى. ..ولك نفس تقول إنك سمعت الخبر امال ايه اللى جابك. .منزلتش ليه أنت وزميلك على الكوبرى وخدتوا عربية رايحة الزقازيق وروحتو على شغلكم
على طول. .دا أنت كدا هربان من شغلك. .لا وايه. .ورئيسك مات. .ومات على أدين إرهابيين. .وحضرتك سايب الدنيا تضرب وتخبط وجاى. .جيتك دى فى اليوم دا فى الظروف إللى البلد فيها. .عار كبير. ..عار علينا كلنا. ..عار عليك
يابنى مين اللي ادالك إجازة. .دا ضابط مبيفهش خالص اللى يخللى ضباطه ينزلوا دقيقة واحدة في الظروف دى
يا خسارة تربيتى فيك يا. ….كان نفسي دلوقتي أكون بدعيلك إنت وزمايلك إن ربنا ينصركم وتمسكوا إللى قتلوا الريس
مازال الأب يلقن الإبن الدرس :
رمز البلد اتقتل غدر. ..إنت فاهم يا بني معنى كدة إيه. ..البلد يا عالم عليها. .ياتري حتروح فين
الفجر حصحيك من النوم. ..عربية فلان حتكون جت توصلك دسوق وتروح تستلم شغلك علطول
متسبش شغلك لغاية ما تقبضوا على إللى قتل الريس
هذا الأب هو أبى مسعود خلف. .أستاذ جامعة. .جامعة الحياة
والابن هو أنا. .ولى الشرف العظيم أن أكون ابنا لهذا الرجل
درس بذكرى محفورة
نفعنى أبى. .دروس وحكم ومواعظ وعبر. ..مفيدة جدا. ..ليس تعاطفا ولا تحيزا من ابن لأبيه. .كلا والله
نفعنى أبى. ..وتذكرت كلمته العار. .بعد مرور 30 عام. .فى ثورة يناير 2011. .وأنا مأمورا لمركز سيدى سالم. .هجم علينا عشرات الآلاف من المتظاهرين يحملون مختلف الأسلحة. .حتى المولوتوف
المهنى ربى. .ثم دروس أبى. .وقفت وسط المتظاهرين. .وقلت لهم ما المهنى ربى به
بعد ساعة فقط انصرفوا دون خدش سواءا بمركز الشرطة اوالمحكمة أو مجلس المدينة. ..وهذا بفضل الله أولا وأخرا