الأربعاء , 17 أبريل 2024
الرئيسية » تحقيقات و ملفات » “الوظائف السوبر”.. لذوي الكفاءات أم أبناء العائلات؟

“الوظائف السوبر”.. لذوي الكفاءات أم أبناء العائلات؟

1

نقلا عن اخبار مصر

“غير لائق اجتماعيا لشغل الوظيفة “..عبارة تنطوى على طبقية بائدة تسببت قبل ثورة يناير بسنوات فى انتحار خريج متميز لرفض الحاقه بالسلك الدبلوماسى لأنه “ابن فلاح بسيط ” ،واليوم كانت وراء استقالة وزير العدل اثر تصريحاته بأن “ابن عامل النظافة لايصلح للسلك القضائى “!.

ورغم عاصفة الغضب الرافضة لتقييم المتقدم لأى وظيفة استنادا لمهنة والده أو مستواه الاجتماعى دون مبالاة بكفاءته أو جدارته إلا أن القضية مازالت قائمة على أرض الواقع فى ظل شواهد على آفة الوساطة والمحسوبية ..فكيف نقنن معايير الاختيار خاصة فى الوظائف “السوبر ” بالجهات السيادية كالقضاء والنيابة والخارجية والاعلام وغيرها ،ومن يضمن حيادية اللجان وعدم التمييز بين المتقدمين لاعتبارات غير مهنية ؟ وما سبيل المتضرر لانتزاع حقه بالقانون ؟.

وبحثا عن إجابة التقينا عددا من خبراء القانون والدبلوماسيين والمتخصصين لعلنا نصل الى آليات عادلة للتوظيف :

مبدأ تكافؤ الفرص

المستشار عماد عبد المقصود المحامى بالنقض ومجلس الدولة قال للموقع إن الدستور ينص على تكافؤ الفرص بين المواطنين دون تمييز، وأن المواطنين أمام القانون متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر.

واستدرك عماد عبد المقصود قائلا :لكن شواهد الواقع تدل على إهدار هذا المبدأ فى كثير من الوزارات والمؤسسات ،وبنظرة فاحصة لقائمة المناصب وصفحات التهانى أو الوفيات ندرك أن هناك وظائف مسجلة باسم عائلات بأعينها حتى فى الجهات العادية .

وأضاف أن المسألة لا تقتصر على تهميش فئات معينة ولكنها تمتد الى المحسوبية وتمييز فئات بعينها خاصة من أبناء ذوى النفوذ، فمثلا أنا وزملائى سبق أن تقدمنا لوظائف وكلاء النيابة وتم رفضنا رغم انه تم إتاحة الفرصة للحاصلين على مقبول بل هناك من يتقدم لأكثر من وظيفة فى مجلس الدولة والنيابة العامة والادارية وينجح فيها كلها مضيعا الفرصة على غيره ، وهنا اقترح أن تتولى جهة واحدة توزيع الناجحين على الوظائف التابعة لوزارة العدل حسب الدرجات والمؤهلات.

واشار عبد المقصود الى ان قانون السلطة القضائية يخصص نسبة من الوظائف بالمحاكم للمحامين للاستفادة بخبرتهم ولكنها غير مفعلة ،فكثيرا ما يتم الاكتفاء بوكلاء النيابة .

ويرى المستشار القانونى أن الحل الواقعى يتمثل فى تخصيص “كوتة” ومسابقات خاصة لأبناء العاملين بالوظائف العامة وإذا توافرت فيهم الشروط التي تؤهلهم للوظائف الشاغرة ،فلا مانع من توظيفهم بنسبة محددة ، مع إتاحة سائر النسبة الكلية للتنافس بين المتقدمين بحيادية مع وضع معايير وشروط واضحة بحيث من يستشعر الظلم يتقدم بشكاوى أو يرفع دعوى لافتا الى الحكم الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بمنع قيام المسئولين في الحكومة والدولة بتوريث الوظائف الحكومية أو العامة لأبنائهم وحرمان أبناء الفقراء والبسطاء منها .

واستدرك المستشار القانونى ،قائلا انه اذا تعذر تنفبذ حكم القضاء بحق المتضرر فى الوظيفة لأى سبب وليكن انه تجاوز شرط السن مثل اشتراط ألا يزيد العمر عن 30 سنة لوكيل النيابة لا يحصل رافع الدعوى على حقه فى الوظيفة وانما يتم الاكتفاء بتعويض غير مجز.

واشار الى أن الدستور الحالي نص على ضرورة إنشاء مفوضية مستقلة لمكافحة التمييز والوساطة والمحسوبية لمنع أي فساد خاصة أن الكثيربن من أصحاب المناصب العليا من أبناء عمال بسطاء أى اثبتوا أنفسهم رغم عدم الوجاهة الاجتماعية .

دبلوماسى

الكفاءة الشخصية والعلمية

وأكد الدبلوماسى الدكتور مصطفى عبد العزيز سفير مصر بسوريا سابقا من خلال تجربته الطويلة بوزارة الخارجية ان الكثيرين المتميزين بسماتهم العلمية والشخصية تمكنوا من الالتحاق بالسلك الدبلوماسى وأثبتوا نجاحهم رغم أنهم من أسر بسيطة .

وأضاف عبد العزيز أن الفيصل فى النهاية هو القدرات والمؤهلات المتعلقة بالمتقدم للوظيفة لأن الوزارة تجرى اختبارات تحريرية الى جانب الاختبارات الشخصية على أساس أن السلك الدبلوماسى من الوظائف التى تتطلب شروطا وقدرات ومواصفات خاصة لافتا الى وجود دورات تأهيلية لحساسية المنصب .

واستدرك السفير السابق قائلا ان كانت هناك حالات تعرض أصحابها لاهدار فرصتهم لأسباب لاعلاقة لها بمؤهلاتهم وتم تجاوزهم، فهى استثناءات فردية.

بينما ألمح مسئول بالتنظيم والادارة الى أن هناك شروطا مهنية لكل وظيفة، يتم إعلانها رسميا فى 3 صحف كبرى لإتاحة الفرصة لكل من تنطبق عليه الشروط .

وأكد أن المفاضلة تخضع لاعتبارات ومؤهلات محددة حسب لوائح كل جهة لكن المشكلة فى المقابلات والاختبارات الشخصية وكشف الهيئة لأنه يجب ان يتم بناء على معايير واضحة وشفافية وتحت رقابة حتى لايكون بابا للوساطة والأهواء بحجة غياب معايير غير مهنية .

وأشار الى أن حسن الاختيار مهم ليس فقط للعدالة الاجتماعية ولكن لضمان الكفاءة وجودة الانتاج ومنع الفساد فى العمل لافتا الى أن من يحصل على وظيفة لايستحقها استنادا الى نفوذ العائلة عادة لا يهتم باتقان العمل ولايخشى العقاب .

إعمال نص الدستور

وأكد الدكتور محمد على بخيت أستاذ القانون بحقوق القاهرة أن حكم محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بمنع توريث الوظائف جاء مطابقا لنص الدستور الذى يؤكد على تكافؤ الفرص بمعنى أنه عند اجراء مسابقات بين المتقدمين لشغل الوظائف، يتم اختيار الأعلى فى التقدير والكفاءة كمحك أساسى فى التقييم حرصا على مصلحة الوظيفة العامة والمجتمع .

ويرى أن تنفيذ الحكم سيساعد على غلق باب الوساطة والمحسوبية المتفشى بكثير من القطاعات العامة بالدولة متجاهلا الكفاءة في اختبارات التقدم للوظيفة لصالح المجاملات والمحسوبيات .

ولفت الى أن الوساطة والمحسوبية في التعيين قضت علي المهارات المتميزة والكفاءة وللأسف الشديد هناك أمثلة كثيرة علي ذلك لأفراد من أسرة واحدة أوأقارب فى وظائف مختلفة يتم تعيينهم عن طريق المجاملة والوساطة دون النظر للمؤهل أو التقدير الحاصل علية طالب العمل مما يؤدى ذلك الى فساد الجهاز الادارى وقتل النبوغ والابداع لدى أوائل الخريجين .

ممممم

مطلوب اختبارات حقيقية

وترى د.نجوى الفوال رئيس المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ان القضية تتعلق بعلاقة المواطن بالدولة وتقوم على الواجبات والحقوق التى كفلها الدستور ومواثيق حقوق الانسان والعاملين وبالتالى مادام المواطن يؤدى دوره ويمارس عملا شريفا يكون له كل الحقوق دون تمييز لأى أسباب عنصرية او طبقية .

وأوضحت ان إدعاء البعض ان هناك مواصفات وسمات خاصة لبعض الوظائف العليا لا يعنى اقصاء أحد أو استبعاده لأنه غير لائق اجتماعيا لكن من حقه أن يخوض اختبارات حقيقية واذا ثبت نجاحه يحق له الحصول على فرصته كاملة وليس من حق أحد ان يصادر على طموحاته أو يحرم المجتمع من طاقانه وامكاناته .

وتعجبت د.نجوى الفوال من أن معظم من تقلدوا هذه الوظائف ينتمون لأسر بسيطة ولكنهم نجحوا وتقدموا حين اتيحت لهم فرصة التعليم بعد ثورة يوليو كآلية من آليات الحراك الاجتماعى ..فكيف يحرمون غيرهم من فرص أتيحت لهم بعد ثورتين ضد الفساد والمحسوبية؟ .

وتابعت : لم ننسى بعد الباحث عبدالحميد شتا، ابن “المزارع”، بقرية الفرماوى المتفوق، الذكي، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،الذى انتحر لعدم قبوله فى التمثيل التجارى لأنه فى رأى اللجنة “غير لائق اجتماعيا”، رعم اجتيازه الاختبارات بتفوق ونتيجة الصدمة، ألقي بنفسه في النيل، بعد أن ترك رسالة تكشف هزيمة التفوق أمام “المحسوبية، والواسطة، والظلم الاجتماعي.

ودعت الفوال جميع المواطنين الى التمسك بحقهن فى فرص عمل متكافئة وان يصر المتقدم على معرفة سبب استبعاده وان يرفع دعوى حال استبعاده لصالح من لايستحق لأسباب شخصية أو طبقية مع الرقابة على لجان التحكيم فى الوظائف التى تتطلب مقابلات واختبارات شخصية .

وذكرت رئيس مركز البحوث الاجتماعية والجنائية سابقا أن توريث الوظائف مرض من أخطر الأمراض الأجتماعية التى تصيب المجتمع المصرى ومن أهم أعراضة الفساد الأدارى الذى يقضى على العدالة الأجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص مؤكدة أنها منعت الوساطة خلال رئاستها المركز .

واشارت الى أن التمييز ببن الوظائف جزء من العرف والثقافة الخاطئة التى تحتاج تغييربمجتمعنا لأنها ليست من مبادىء الدين ولا الاخلاق ولا العدل وفى الدول المتقدمة كل المهن لها قيمتها وتقديرها.

شاهد أيضاً

بلاغ لوزير التعليم… كارثة أجيال الثانوية تستحق التحقيق العاجل

كتبه: احمد حافط بلاغ للسيد وزير التربية والتعليم الكشوف دي لما ظهرت مصدقتش إن كل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *