كتبت : فاطمه الحلوانى
وجه المستشار بهاء المري، رئيس محكمة جنايات كفر الشيخ، درسًا قاسيًا لثلاثة محامين متهمين في قضية تزوير، قبل أن ينطق عليهم بالحكم بالسجن 5 سنوات بينهم محامٍ هارب، وعامل زراعي متهم معهم في تزوير محررات رسمية واصطناع إيصالات أمانة مزورة.
وقال المري، بمُناسبةِ هذا الحكمِ، تُوجِّهُ المحكمةُ كلمةً إلى السادةِ المُحامين: يا رُفَقاءَ البُؤساءْ، يا مَن تُعالجُونَ آلامَ الناسِ وتُرافقونهُم في شَقائِهم، فتَلبِسُونَ السَّوادَ رَمزًا للحِدادِ، وتَقفُونَ إلى جوارهِم.
وتابع، رئيس المحكمة، المحاماةُ رسالة، عريقةٌ كالقَضاء، مَجيدةٌ كالفضيلة، وضَروريةٌ للعَدالة.. وُجدَ المحامي، ليَدفعَ كيدَ الكائدين، ويَكشفُ سِترَ المتآمرين، ويُنير الطريقَ إلى العدَالةِ، أشبَهَ بالشُّموع تَحترقُ، لتَبعَثَ من حولها الضِّياء.
وأضاف، ومن هُنا، كان واجبَهُ أن يُسمُوَ بنفسهِ، ليَستَحقَّ اللَّقبَ الذي تَميَّز به عند الناسِ، وهو (الأستاذ)..هذه القاعةُ جُعِلَتْ ليَصْدَحَ فيها المحامي بِحَق، لا ليُحْبَسَ فيها لِجُرم.
وتابع، وهذا القفصُ، لم يُوضَع هُنا ليقِفَ فيه محامٍ، بَلْ ليَقفَ قريبًا منهُ المحامي، ليَشُدَّ مِن أزْرِ ذا حَظٍّ مَنكودٍ يَقبَعُ خَلفَ قُضبانِه.. وُضعَ لشخصياتٍ لها خَطرُها على المجتمع، لتَلْقَى طَعناتِ الاتهام، لا مُحاميًا مُهمَّتُه؛ إنصافُ الناسَ من الاتهام.
وقال المري، لو كان هذا القَفَصُ يَنطقُ، لارْتجَّ يَقولُ لكم: إنِّي أرتجفُ حينَ تَلِجُونَ أعتابي.. ولكنَّ عزاءَ العَدالةِ، أنَّ ما نحنُ بصَددهِ يُعدُّ استثناءً من القاعدة، وإن كان وأسَفاهُ قد شَاع.
ووجه رسالة مؤثرة إلى المتهمين، أيها المحامونَ المحكومِ عليكُم: كم تُساوي الآنَ هذه الوقفة؟ كم الثمن الذي إلى هذا المَصيرِ صَيَّرَكَم؟ .. هل تَخيّلتُم، لو تبَادَلْتُمُ الأدوارَ مع مَن ظلَمْتُم؟!
وأضاف، ماذا لو كُنتم آمنين في سِربِكم، فصِرْتُم في لحظةٍ بينَ سِندانِ الأحكام ومَطرقةِ التَنفيذ؟ .. أو غُيِّبْتُم سِجنًا، أثرَ تزويرٍ كالذي اقتَرَفْتُم؟! مَا وصْفُ طَعْمِ الظُّلمِ ساعَتها؟ ما شَكلُ النَّظرةِ إلى هذه المهنةِ السَّاميةِ عندئذٍ؟
واختتم رئيس المحكمة، كلمته، قائلًا، إنَّ المحكمةَ، وهي تُصْدرُ حُكمًا كهذا، تَشْعرُ بغُصَّة، بَيْدَ أنهُ القانونُ الذي يَخضعُ له الجميع، والمُحامونَ ـ. مِن غَير شَكٍّ ـ. أحقُّ الناسِ بالخُضوع له.. أيها الشاردُون في دُنيا الزَّيفِ والمالِ: إنَّ المجدَ لا يَبنيهِ مَالٌ، ولا الزَّيفُ يَصنعُ الرِّجَالَ.